أسئلة من “ماروني” إلى البطريرك الراعي!
في عيد القديس مارون، توقفت الشريحة الأكبر من أبناء الطائفة عند سلسلة من التساؤلات حول مستقبل الوطن الذي كان لأجدادهم وآباءهم اليد الطولى في تثبيت وجوده، نظراً لما يجري في المنطقة والعالم من تجاذبات قد تؤدي وفق العديد من المحللين إلى إعادة النظر في العديد من الخرائط التي تم وضع خطوطها العريضة قبل مئة عام، وحول مستقبل الطائفة التي كانت تمثل أكثرية ملحوظة عند إطلاق “لبنان الكبير”، وهي في طريقها لأن تكون طائفة مهمشة إذا ما استمرت الخلافات الحادة بين من يسوسها ويرسم سياساتها التي جاء معظمها في غير صالحها!
ومن زاوية كوني أنتمي إلى الطائفة المارونية وأنتسب في هويتي اللبنانية إلى قضاء زغرتا – الزاوية، أود أن أوجّه الأسئلة التالية إلى رأس هذه الكنيسة البطريرك بشارة الراعي:
من الجيد أن يترأس “سيدنا” القداس الرسمي لعيد شفيع الطائفة في كنيسة مار مارون في منطقة الجميزة – بيروت بمشاركة رؤوساء الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء، ولكن السؤال الذي يطرحه أبناؤك اليوم هو : لماذا كنت وأسلافك تغيبون عن هذا القداس الذي إعتبرته محورياً هذه المرة. وهل لذلك علاقة بين آداء رؤوساء الأبرشية السابقين ورئيس الأبرشية الحالي، أم ذلك مرتبط بالزيارة الأخيرة التي قام بها وزير خارجية الفاتيكان بول ريتشارد غالاغير إلى بيروت والكلام “غير العادي” الذي طال رجال الأكليروس؟
لقد جاء في العظة أن الموارنة” اخْتبروا في لبنانَ والمشرِقِ جميعَ أنواعِ الأنظمةِ والممالكِ والسلطناتِ. عايشوا كلَّ الفتوحاتِ والأديانِ والمذاهب”. فإذا كانت لديهم كل هذه الخبرات والتجارب، فلماذا يعيد معظمهم تكرار الأخطاء إن في العلاقة بين بعضهم البعض أو بينهم وبين الطوائف والمذاهب الأخرى. وهل المسؤولية ملقاة على عاتق الأكليروس أم على السياسيين، ومن هو البطل الذي سيحدد المسؤوليات؟
من خير الكلام أن يقول “غبطته”: “أنّنا نُناضل معًا لئلّا يَسترسِلَ لبنانُ في أن يكونَ ساحةَ صراعاتِ المِنطقةِ، ومِنصّةَ صواريخ، وجبهةَ قتال”. وهل هذا “النضال معاً” يكون بالحوار والتنسيق والتقارب والتفاهم ام أن يستفرد كل فريق بإتخاذ الموقف الذي ينفّر منه الآخرين، أو أن “يشدّ الضهر” بهذه العاصمة الإقليمية أو تلك التوجهات الدولية؟
ومن المفارقات أن يدعو سيد بكركي إلى “إنَّ الاعترافَ بلبنانَ وطناً نهائيًّا يعني اعترافاً بثلاثِ ثوابت: نهائّيةُ ميثاقِ التعايش، ونهائيّةُ الدورِ المسيحيِّ، ونهائيّةُ الولاءِ للبنان دون سواه”. فهل “نهائية الدور المسيحي”، تكون بالهروب إلى الأمام وإلى الخارج، أم بإختراع الصراعات مع الآخرين خدمة لمصالح هذا الخارج أو ذاك؟
من المفيد جداً أن يذكر البطريرك الراعي بأنه من الأولويات:” إجراءُ الانتخاباتِ النيابيّةِ والرئاسيّةِ في مواعيدِها الدستوريّة”، فإذا كنتم تشككون في إجراء ذلك الإستحقاق الدستوري فلماذا لا تبادرون إلى تسمية الأشياء باسماءها من أجل أن يحقق الشعب آماله بالتغيير الحقيقي الذي تدعون إليه في أكثر من مناسبة، بدل ممارسة التمويه كما يفعل السياسيون في خطاباتهم؟
اللافت انكم تركزون على وجوب” اعتمادُ نظام الحِياد الإيجابيّ أساسًا في علاقاتِنا الخارجيّة”، وبالتاكيد الشرائح الأكبر من اللبنانيين يؤيدون العودة إلى العيش بسلام وإطمئنان. ولكن هل لنا أن نسأل كم من دولة غربية أو شرقية تؤيدنا في هذا الحياد ونحن في منطقة تعج بالصراعات الطائفية والمذهبية، والحروب التي لا تنتهي، فأي حياد ولصالح من؟
يصفّق أبناء الرعية بحماس عندما يرون أن من يوجههم دينياً حريص جداً على كل فردٍ منهم باحواله ومعيشته ولكنهم يتألمون في إعماقهم عندما يلمسون أن من بيدهم الأمر يرسمون خطوطاً حُمراً حول من توجه إليه أصابع إتهام في قضايا تعنيهم جميعاً في مستقبلهم. أفليس من الأجدى إفساح المجال للسلطات القضائية أن تحكّم ضميرها، ومحاسبتها عند الإقتضاء؟
إنها بضعة اسئلة تنبع من حرص على ما نكنه من إحترام وتقدير للموقع ومن يشغله، علها تحقق المبتغى!
مرسال الترس